44
لم يتم العثور على الصفحة ! معذرة، فالصفحة التي تبحث عنها في هذه المدونة ليست متوفرة. رئيسية المدونة

مراجعة فيلم The Hunt for Red October 1990


تتمتع الافلام بطريقة واحدة مؤكدة لتأثرنا والتي لا تفشل ابدا. تقدم لنا شخصية تكون على حق بينما يكون الجميع مخطئون، ثم تجعلنا نشارك احباطه وهو يحاول التحدث بطريطقة منطقية الى الحمقي. في فيلم "The Hunt for Red October" تلك الشخصية هي (جاك ريان) رجل المخابرات الذي يعتقد انه يعرف السبب الحقيقي وراء محاولة قبطان سوفيتي منشق الهروب بغواصة.

القبطان هو راميوس وهو الرجل الاكثر احتراما في البحرية السوفيتية. لقد قام بتدريب معظم القباطنة الاخرين في الاسطول، والان تم منحه قيادة غواصة جديدة متقدمة تسمي "Red October" وهي غواصة تستخدم محركا ثوريا جديدا وهي اسرع من اي غواصة آخري وتقريبا صامته بشكل كامل. تتعقب المخابرات الامريكية الغوصة "Red October" اثناء مغادرتها الميناء السوفيتي ولكن يبدو أن الغواصة أختفت بعد ذلك. بعد فترة وجيزة حُشدت البحرية السوفيتية بالكامل للمشاركة في لعبة القط والفار الواسعة في شمال المحيط الاطلنطي
يود السوفيت ان يعتقد نظرائهم الامريكيين أن (راميوس) رجل مجنون يريد أخفاء غواصته قبالة السواحل الامريكية وتوجيه صواريخه النووية نحو نيويورك او واشنطن. يطلبون من البحرية الامريكية مساعدتهم في تعقب وتدمير الغواصة "Red October". ولكن رايان (اليك بالدوين) يعتقد ان ذلك سيكون خطأ مأساوياً. اخبر رئيسه الذي يلعب دوره (جيمس ايرل جونز)، بأن (راميوس) يحاول الانشقاق واحضار الغواصة اليهم.

هذا هو التأسيس لفيلم المخرج (جون ماكترنان) كما هو الحال في رواية (توم كلانسي) الاكثر مبيعاً. وهو ايضا نقطة البداية لحبكة متاهة يتعين علينا فيها لنصف الوقت أن نخمن الاسباب الخفية لأفعال ( راميوس). أنه تكريم للفيلم لانه يستغرق وقت اقل بكثير مما فعله (كلانسي) في الرواية حيث يسمح للحبكة بتعقيدها الكامل ولكن بشكل واضح للجمهور.

تعتمد العديد من افلام الاثارة العسكرية، وخاصة التي تدور أحداثها في فترة الحرب الباردة على الصور النمطية والدوافع الكبيرة الغير ناضجة لتحريك قصتها. يتمتع فيلم "The Hunt for Red October" بمزيد من المتعة من خلال الاشارة الى مدى سهولة ارتكاب الرجال للأخطاء، وكيف يمكن أن تبدو الافتراضات الخاطئة مغرية، وكيف يمكن أن تكون العواقب الوخيمة معلقة في بعض الاحيان بخيوط رفيعة. معرفة (ريان) الشخصية بـ (راميوس) والتي يعتمد عليها الكثير، تعتمد بالكامل تقريباً على مناسبة واحدة عندما تناولوا العشاء على نفس الطاولة. كل شئ أخر هو مجرد سلسة من الحدس الماهر.

اظهر المخرج (ماكترنان) والذي كانت افلامه السابقة (Die Hard) و (Predator) احساساً بالاسلوب والتوقيت في تلك الافلام، ولكن ما يضيفه في "The Hunt for Red October" هو شئ من نفس الذكاء المنفصل الذي اظهره(كلانسي) في الرواية. بطريقة ما نشعر ان هذا اكثر من مجرد فيلم اثارة، إنه تمرين في الاستراتيجية العسكرية والدبلوماسية حيث يكون اللاعبون جميعهم اذكياء بما فيه الكفابة بحيث لا يمكننا ان نأخدافعالهم كأمر مسلم به.

يحتوى فيلم "The Hunt for Red October" على اكثر من دستة ادوار متحدثة مهمة، بالاضافة إلي الكثير من اعضاء فريق التمثيل الذين يلعبون دورا حاسما في في مشهد او مشهدين. اي فيلم به طاقم عمل بهذا الحجم يجب أن يعتمد إلى حد ما على ممثلين أعتادوا على لعب مثل هذه الادور، يعتمد (ماكترنان) على ذلك دون نمطية.

يؤدي (شون كونري) دور (راميوس) بشكل مقنع، ومع ذلك بلهجته الاسكتلندية والتي يكاد يخفيها، فهو بعيد عن أن يكون سوفيتياً سينمائياً مميزاً. يتمتع (بالدوين) بصفته ظابط مخابرات عنيد بمظهر رجل قيادي ولكنه يقلل من شخصيته. إنه يقدم نفسه على انه بيروقراطي مقيد على ظهر السفينة ولا يصدق انه قد اقحم نفسه بالفعل في هذا التمرين الميداني، بينما (سكوت جلين) والذ يؤدي دور قبطان غواصة امريكية تجد نفسها على بعد امتار من الغواصة "Red October" ، فهو اصغر سناً ويتمتع بقدرة أكبر من معظم قباطنة الافلام التقليدين.

يضفي تصميم المناظر الكثير على مصداقية الفيلم. لقد قيل لي أن التصميمات الداخلية للغواصة في هذا الفيلم تبدو أكثر تقنية ولمعاناً بكثير مما تبدو عليه في الحياة الواقعية وانه سيكون هناك الكثير من الشحومات في الغواصة الحقيقية، ومع ذلك بالنسبة لشاشة الفيلم تبدو هذه الغواصات مثيرة للأعجاب مع عرضها الرائع للأجزاء الالكترونية.

لا يقوم الفيلم بعمل جيد في ايصال الواقع اليومي واللحظي للحياة في الغواصة كما فعل فيلم "Das Boot"، ولكن ربما يرجع ذلك الي اننا لم نكن محاصرين بشكل دائم داخل الغواصة طوال الفيلم. هناك قطعات إلي البيت الابيض وإلي مقر وكالة المخابرات الامريكية في لانجلي وإلي الكرملين وإلى اسطح السفن في البحر.

إذا كان هناك مجال واحد لا يكون فيه الفيلم مثيراً للاعجاب حقاً فهو اللقطات الخارجية تحت الماء. وبإستخدام نماذج للغواصات حاول صانعوا الفيلم اعطائنا انطباع عن هذه الكيانات العملاقة وهي تناور تحت سطح البحر. ولكن الجزء الخارجي للغواصة ليس جذابا، فظهرت تلك اللقطات وكأنها حيتان ضخمة رمادية يتم رؤيتها من خلال مياة معكرة.

ومع ذلك فإن هذه الهفوة لا تهم كثيراً . "The Hunt for Red October" هو فيلم ماهر وفعال يدخلنا في اللعبة الذكية والخادعة التي يلعبها (راميوس) وفي الجهود التي يبذلها الطرفان لمعرفه ما ينوي فعله بغواصته وكيف يخطط للقيام بذلك. تم بناء الفيلم حتى نتمكن من اكتشاف ذلك مع اى شخص اخر، وهذا يترك الكثير من المفاجأت في النهاية والتي تتسم بالتشويق بشكل مرضي تماماً. كان هناك سؤال واحد ازعجني طوال الفيلم، كشخص تأتي أفكارة الاساسية عن الغواصات من رواية القبطان ( ادوارد بيتش) الكلاسيكية "Run Silent Run Deep" والتي كان فيها إمداد الأكسجين على متن الغواصة مصدرا للقلق المستمر، ظللت أسأل نفسي ما اذا كان ينبغي لهؤلاء البحارة الروس أن يدخنوا كثيراً في اعماق المحيط.


بقلم : روجر إيبرت
ترجمة عمار الصادق